عدد الرسائل : 1340 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 25/01/2008
موضوع: تعرف على تراثك الأحد يوليو 06, 2008 5:51 am
التراث هو الموئل المعنوي الحامل للقيم الإنسانية والخبرات المادية المتوارثة للشعب العربي الفلسطيني عبِر تفاعل الأجيال، كمُقابل موضوعي لمفهوم الأرض، ومُندمج فيها في حلة وجودية جامعة كشرط جوهري من شروط ديمومة وجوده في ظلال وطن و"مواطنة" وحركة دائبة ومستديمة، لكنها في مثل ظروف الشعب العربي الفلسطيني فهي مُستلبة ومنقوصة ومفقودة في إطار الغزوة الصهيونية الاستعمارية المفروضة علينا بالقوة العسكرية والدعم الأوربي والغربي المادي والمعنوي والجاثمة والمشهود فوق ثرى ومقدرات فلسطين الوجودية.
لوحة البيادر للفنان الفلسطين إبراهيم غنام
وبالتالي يُعد التراث بمثابة الشكل الأبرز في تجسيد القيم ونسج علاقة الإنسان العربي الفلسطيني بالأرض وبالآخر، وما تشمل من مورثات اجتماعية متناقلة عِبر الأجيال مُعززة لأدوات وأشكال مقاومته وتفاصيل صموده، وقُدرته على استنباط وسائط تكيّف مُبتكرة للمعايشة المتكاملة ما بين قيمه المادية والروحية وتأسيس معالم التواصل مع الأصول والجذور، من كونه تكريس موضوعي لذاكرة المكان الشعبية ونتاج طبيعي للمعايشة والخبرة الحياتية اليومية التفاعلية ما بين مكوناته الاجتماعية المتعددة، والمتواجدة في حيز جغرافي محدد الخصائص والسمات والتي تُفصح عن محددات الهويّة والخصوصية والتمسك بجذوره التي تُميزه عن الآخرين.
لوحة الدبكة الفلسطينية للفنان الفلسطيني إبراهيم غنام
في كثير من الأحوال يأخذ التراث بعض مكونات المجتمع الفلسطيني سمة القداسة، ومنابع القيم الروحية السامية والمُنتجة لمجموعة متكاملة من العادات والتقاليد والأعراف والطقوس والنظم الاجتماعية والمهن والقوانين التي تحكم مسيرة وجوده وهوى وسلوك ومُمارسات وأفكار أفراده الذين يعيشون في أحضانه، والضمير الأخلاقي الواجب مراعاة سننه وتشريعاته من قبل فئات المجتمع كافة.
لوحة الطهور للفنان التشكيلي الفلسطيني إبراهيم غنام
التراث بالنسبة للشعب العربي الفلسطيني يُشكل قيمة حياتية جوهرية، وسمة حيوية من سمات وجوده كشعب وهوية وأرض وتاريخ وجذور ومقاومة بكل زخرفها الحياتي الثقافي والشعبي والإنساني، وأحد الوجوه الرئيسة المطلوب منا جميعاً المحافظة عليه باعتبارها شكلاً من أشكال المقاومة. والتراث هنا، هو كل ما أنتجته البداهة الشعبية الفلسطينية على مر العصور من خبرات تراكمية منقولة ومتوارثة عِبر صيرورة الأجيال من المقولة الشعبية (الأمثال) والحدوتة ( الخرافية) والأهزوجة (الأغنية) والسحر والشعوذة (كتابة الحجب) والتكافل الاجتماعي (علاقات النسب والزواج) والسطوة السياسية والمعنوية (سلطة شيخ القبيلة والعشيرة وتناقلها لوريثه) والاحتفالات الشعبية متنوعة المواضيع والاهتمامات (الولادة، الطهور، الأعراس، الحصاد، الدبكات، الحج، إقامة الموالد، الفروسية، مسابقات القول والأشعار ) وغيرها، إلى الصنائع والمهن الشعبية اليدوية المتنوعة "الفنون التطبيقية" والشاملة لكافة مقومات العمل الحرفي المهني من أشغال ( الأزياء الشعبية والمطرزات، القش، الصدف، الحياكة والصوف، البسط والسجاد، المجوهرات التقليدية، الخشب، المعادن) وسواها.
كانت مكونات التراث وما زالت بمثابة المادة الاستلهامية الحيوية للمُبتكرين الفلسطينيين لاسيما الفنانين التشكيليين الذين وجدوا فيها أحد وجوههم الوجودية، وشكلاً نضالياً مُتاحاً يُمارسونه في واحة الثقافة البصرية محلياً وعربياً ودولياً من خلال إبراز قيمه التعبيرية والفكرية والجمالية في مجموعة المعارض الفردية والجماعية، وأن أعمالهم الفنية التشكيلية المُبتكرة وثيقة الصلة بواقع حياتهم اليومي المعايش، وخرج من بين أيدي الفنانات والفنانين التشكيليين الفلسطينيين ذلك الفيض الجمالي والإنساني من الأعمال الفنية التشكيلية متنوعة المدارس والاتجاهات الفنية والتقنيات. سواء من قِبل فناني المتواجدين في مناطق اللجوء الفلسطينية المُحيطة بفلسطين والموزعة في أصقاع الأرض أو فناني الداخل الفلسطيني( 1948 ) أو الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل خاص الذين يواجهون آليات القتل والإبادة الجماعية الصهيونية اليومية المُنظمة التي تستهدف استئصال الشعب العربي الفلسطيني، كمحاولة عنصرية وقهرية لمحو ثقافته الوطنية والقومية وامتداده في محيطه وقطع الصلة مع جذوره وتراثه الشعبي بوجه خاص.
لوحة زفة النبي صالح للفنان الفلسطيني إبراهيم غنام
عزفت مواهب وخبرات الفنانين التشكيلين الفلسطينيين على تقاسيم التراث الشعبي الفلسطيني بأجمل المقطوعات الفنية التشكيلية المُعبرة والمتصلة بمواضيع التراث في وجوه بصرية وتعبيرية شتى، تشمل كافة تفريعاته الوجودية وبالتقنيات الفنية المناسبة حتى وصل الأمر بالفنان التشكيلي الفلسطيني "سليمان منصور" أن يرسم لوحاته بملونات مُصنعة محلياً وفق الطرق الشعبية اليدوية وبمواد متصلة بتراب ورمل فلسطين ومحارها وورودها وأشجارها، وما أنتجته موهبته وخبرته وقريحته الفنية من أساليب المواجهة مع العدو الصهيوني وسُبل مسالك الدفاع عن الوجود والحفاظ على الهويّة الفلسطينية من خلال بوابة التراث والتمسك بالجذور. وكذلك الأمر بالنسبة للفنانة التشكيلية الفلسطينية " سامية طقطق زرو" التي اتخذت من المشغولات التراثية الفلسطينية الشعبية اليدوية مواد حيوية في تأليف وصناعة أفكارها التصويرية والتقنية عبِر لوحات تعج برائحة التراث، والدور نفسه لعبه الفنان الفلسطيني "عبد الرحمن المزين" الذي اتخذ من الأزياء والمطرزات الفلسطينية الخاصة بالرجال والنسوة ميداناً صريحاً لمضامين لوحاته ومجالاً رئيساً لمشروعه الدراسي والفني، وصنعت مادة نشارة الخشب والمواد الصمغية الطبيعية والملونات التراثية الفطرية من الفنان التشكيلي الفلسطيني " عبد الحي مُسلم" فناناً تشكيلياً تراثياً بامتياز تقني وتعبيري، وأن قائمة المشتغلين في مواد وخامات بيئية وشعبية تراثية طويلة، جميعها تدور في واحة الموروث الشعبي وتلبس دثاره المُعبر بشكل ما أو بآخر عن قيم الشعب العربي الفلسطيني الوجودية والحضارية والتاريخية والدينية.
مواضيع التراث في الفن التشكيلي الفلسطيني متصلة مُباشرة برباعية التناغم الوجودي مابين مكونات (الأرض، الإنسان، العلاقات الاجتماعية، القيم) المُعززة لروابطه الحياتية المتنوعة، وما تتضمنه من سُبل معايشة وتفاعل متداخلة النصوص البصرية ما بين حركية الخط وعناق اللون والفكرة التعبيرية المنشودة في اللوحات التصويرية، وليونة السطوح والتجاويف وتناغم الكتل وجودة التوليف التقني والفني والجمالي في المنحوتات التشكيلية، وصراحة اللون وامتداد مساحاته وتناغماته مع حدود العبارات المكتوبة والمناسبة المطروقة في أنماط الدعاية الأيديولوجية والاجتماعية التي تشملها الملصقة السياسية، تتصل جميعها بعلاقات جمالية وفكرية مُكرسة لوظيفية الفن التشكيلي وأدوار الفنانات والفنانين التشكيليين الفلسطينيين في سلم القيم الاجتماعية والوجودية، وصلتهم بحركة الشعب المقاوم لكافة أشكال الغزو الصهيوني لمقدرات الشعب العربي الفلسطيني. تناسلت الأعمال الفنية التشكيلية من واحة الملونات الفلسطينية واسعة الطيف المنتشرة ما بين البحر والنهر والتي تمر عِبر مسرود النصوص البصرية المخزونة في ذاكرة الشعب العربي الفلسطيني الوجودية، مستلهمة فتنتها الجمالية ومناطق الوعي الفكري من خلال المعايشة اليومية للحدث الفلسطيني، وما يحتله التراث في وجدان الشعب كأحد عوامل الكفاح والصمود والمواجهة باعتبار أن الثقافة هي "الجدار الأخير" والفن هو المرآة الحضارية العاكسة لهذا الضمير الأخلاقي.
مدوخ البنات مشرف قسم النقاشات الجادة
عدد الرسائل : 1205 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 28/01/2008
موضوع: رد: تعرف على تراثك الأحد يوليو 06, 2008 6:06 am
حلو كتير انو الواحد يعتز بتراثو
لانو اللي مالو خير بئديمو مالو خير بجديدو وهادا التراث فخر النا
مشكورة كتير
اميرة العذاب عضو فعال
عدد الرسائل : 162 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
موضوع: رد: تعرف على تراثك الإثنين يوليو 07, 2008 9:33 am
مشكورة كتيير على الموضوع ويسلمو ايديكي التراث جزء مهم من كيان كل دولة وخصوصي دولتنا فلسطين ومتل ما قال مدوخ البنات يلي ما الو خير في ئديمو ما إلو خير في جديدو
واحنا بدون تراثنا ما النا معنا ولا كيان
يسلمو ايديكي
مــ % ــجــروحــ % ــة المديرة العامة
عدد الرسائل : 1340 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 25/01/2008
موضوع: رد: تعرف على تراثك الإثنين يوليو 07, 2008 9:54 am